السؤال
: ما تفسير الحديث القدسي في ما معناه - أن الرسول صلى الله عليه وسلم
عندما يرِد المسلمون إلى حوضه ، يُرجع الله طائفة من الناس فيقول الرسول
صلى الله عليه وسلم : ( يا رب ، أمتي ، أمتي ) فيقول عز وجل : إنك لا تدري
ما فعلوا بعدك ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
اصطلح المحدثون على تسمية الحديث الوارد هنا : " حديث الحوض " ، وللحديث ألفاظ وروايات متعددة ، ليس بينها – بفضل الله – اختلاف .
وهذه بعض الروايات بألفاظها المختلفة :
عَنْ
سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ
شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ
أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي
وَبَيْنَهُمْ ، فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا
تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ،
لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ) .
رواه البخاري ( 6212 ) ومسلم ( 2290 ) .
عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ : ( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ
قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ
وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ) قَالُوا : أَوَلَسْنَا
إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( أَنْتُمْ أَصْحَابِي ،
وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ) فَقَالُوا : كَيْفَ
تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
فَقَالَ : ( أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ
بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ) قَالُوا
: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : ( فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا
مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، أَلَا
لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ ؛
أُنَادِيهِمْ : أَلَا هَلُمَّ . فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا
بَعْدَكَ . فَأَقُولُ : سُحْقًا سُحْقًا ) .
رواه مسلم ( 249 ) .
عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُهُ
عَلَيَّ مِنْكُمْ ، فَلَيُقَطَّعَنَّ رِجَالٌ دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ :
يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي
مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ) .
رواه أحمد ( 41 / 388 ) وصححه المحققون .
عن
أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : ( لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي ،
حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرُفِعُوا إِلَيَّ اخْتُلِجُوا دُونِي ،
فَلَأَقُولَنَّ : أَيْ رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي ، فَلَيُقَالَنَّ
لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
رواه البخاري ( 6211 ) ومسلم ( 2304 ) .
عن
عَبْد اللَّهِ بنِ مسعود قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ
رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتُلِجُوا
دُونِي ، فَأَقُولُ : أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي يَقُولُ : لَا تَدْرِي مَا
أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ) .
رواه البخاري ( 6642 ) ومسلم ( 2297 ) .
ثانياً :
عند
التأمل في الأحاديث السابقة نجد أن الكلام قد انحصر في مجموعات ترِد حوض
النبي صلى الله عليه وسلم لتشرب منه ، فتردهم الملائكة ، ويناديهم النبي
صلى الله عليه وسلم بألفاظ هي " أمتي " ، " أصحابي " ، " أصيحابي " ، وليس
بينها اختلاف تضاد ، بل هي محمولة على أناس تشملهم معاني تلك الكلمات ،
ويمكننا أن نجملهم بهذه الطوائف :
1. مرتدون عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانوا أسلموا في حياته ورأوه وهم على الإسلام .
2. مرتدون عن الإسلام في أواخر حياته صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن يعلم بكفرهم .
3. أهل النفاق ممن أظهر الإسلام ، وأبطن الكفر .
4. أهل الأهواء الذين غيَّروا سنَّة النبي صلى الله وسلم وهديه ، كالروافض ، والخوارج .
5. وبعض العلماء يُدخل فيهم : أهل الكبائر ، وله ما يؤيد من السنَّة ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده ( 9 / 514 ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ
قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سَيَكُونُ
عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَأْمُرُونَكُمْ بِمَا لَا يَفْعَلُونَ فَمَنْ
صَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي
وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَنْ يَرِدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ ) وصححه المحققون .
ولفظ " أمتي " في الأحاديث يصدق على أهل القول الرابع ، والخامس ، ولفظ " أصحابي " و " أصيحابي " على الأقوال الثلاثة الأوَل .
ومما
يدل على أنهم من أمته صلى الله عليه وسلم : أنه عرفهم بالغرة والتحجيل ،
وهي سيما خاصة بهذه الأمة ، ويكون تعرف النبي صلى الله عليهم وسلم هناك
بصفاتهم ، لا بأعيانهم ؛ لأنهم جاءوا بعده .
ومما يدل على دخول
المنافقين في اسم " أصحابي " : قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يَتَحَدَّثُ
النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ) رواه البخاري ( 3518 ) ،
وهذا معنى لغوي بحت للصحبة ، ليس أنهم استحقوا شرفها ؛ لأن تعريف الصحابي
الاصطلاحي لا يصدق على هؤلاء .
وهذه طائفة من أقوال أهل العلم في تلك الأحاديث :
1. قال النووي - رحمه الله – في شرح الحديث - :
هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال :
أحدها
: أن المراد به المنافقون ، والمرتدون ، فيجوز أن يُحشروا بالغرة والتحجيل
، فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم للسيما التي عليهم ، فيقال : ليس
هؤلاء مما وُعدتَ بهم ، إن هؤلاء بدَّلوا بعدك ، أي : لم يموتوا على ما
ظهر من إسلامهم .
والثاني : أن المراد من كان في
زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ارتد بعده ، فيناديهم النبي صلى الله
عليه وسلم ، وإن لم يكن عليهم سيما الوضوء ، لما كان يعرفه صلى الله عليه
وسلم في حياته من إسلامهم ، فيقال : ارتدوا بعدك .
والثالث : أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد ، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام .
" شرح مسلم " ( 3 / 136 ، 137 ) .
2. وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
وقال
الخطابي : لم يرتد من الصحابة أحد ، وإنما ارتد قوم من جفاة العرب ، ممن
لا نصرة له في الدين ، وذلك لا يوجب قدحاً في الصحابة المشهورين ، ويدل
قوله : ( أصيحابي ) بالتصغير على قلة عددهم .
" فتح الباري " ( 11 / 385 ) .
3. وقال الشيخ عبد القاهر البغدادي – رحمه الله - :
أجمع
أهل السنَّة على أن الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من
كِندة ، وحنيفة ، وفزارة ، وبني أسد ، وبني بكر بن وائل ، لم يكونوا من
الأنصار ، ولا من المهاجرين قبل فتح مكة ، وإنما أطلق الشرع اسم المهاجرين
على من هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة ، وأولئك بحمد الله
ومنِّه درجوا على الدين القويم ، والصراط المستقيم .
وأجمع أهل السنة على أن من شهد مع رسول الله بدراً : من أهل الجنة ، وكذلك كل مَن شهد معه بيعة الرضوان بالحديبية .
" الفَرْق بين الفِرق " ( ص 353 ) .
4. وقال الشاطبي – رحمه الله - :
والأظهر
: أنهم من الداخلين في غمار هذه الأمة ؛ لأجل ما دل على ذلك فيهم ، وهو
الغرة والتحجيل ؛ لأن ذلك لا يكون لأهل الكفر المحض ، كان كفرهم أصلاً ،
أو ارتداداً .
ولقوله : ( قد بدلوا بعدك ) ، ولو كان الكفر : لقال
: " قد كفروا بعدك " ، وأقرب ما يحمل عليه : تبديل السنة ، وهو واقع على
أهل البدع ، ومن قال : إنه النفاق : فذلك غير خارج عن مقصودنا ؛ لأن أهل
النفاق إنما أخذوا الشريعة تقيةً ، لا تعبداً ، فوضعوها غير مواضعها ، وهو
عين الابتداع .
ويجري هذا المجرى كل من اتخذ السنَّة والعمل بها
حيلةً وذريعةً إلى نيل حطام الدنيا ، لا على التعبد بها لله تعالى ؛ لأنه
تبديل لها ، وإخراج لها عن وضعها الشرعي .
" الاعتصام " ( 1 / 96 ) .
5. قال القرطبي – رحمه الله - :
قال
علماؤنا رحمة الله عليهم أجمعين : فكلُّ مَن ارتد عن دين الله ، أو أحدث
فيه ما لا يرضاه الله ، ولم يأذن به الله : فهو من المطرودين عن الحوض ،
المبعدين عنه ، وأشدهم طرداً : مَن خالف جماعة المسلمين ، وفارق سبيلهم ،
كالخوارج على اختلاف فرقها ، والروافض على تباين ضلالها ، والمعتزلة على
أصناف أهوائها ، فهؤلاء كلهم مبدِّلون ، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور ،
والظلم ، وتطميس الحق ، وقتل أهله ، وإذلالهم ، والمعلنون بالكبائر ،
المستخفون بالمعاصي ، وجماعة أهل الزيغ ، والأهواء ، والبدع .
ثم
البعد قد يكون في حال ، ويقربون بعد المغفرة إن كان التبديل في الأعمال ،
ولم يكن في العقائد ، وعلى هذا التقدير يكون نور الوضوء ، يُعرفون به ، ثم
يقال لهم ( سحقاً ) ، وإن كانوا من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم يُظهرون الإيمان ، ويُسرون الكفر : فيأخذهم
بالظاهر ، ثم يكشف له الغطاء فيقول لهم : ( سحقاً سحقاً ) ، ولا يخلد في
النار إلا كافر ، جاحد ، مبطل ، ليس في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان .
" التذكرة في أحوال الموتى والدار الآخرة " ( ص 352 )
.
ثالثاً:
مما
يبين كذب الروافض في زعمهم أن الصحابة الأجلاء أبا بكر وعمر وعثمان من
أولئك المرتدين : أنه قد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه قد حصلت ردة ،
وقتال للمرتدين ، فمَن قاتل مَن ؟ إن الذي ارتد هم الذين ذكرنا وصفهم ، من
بعض قبائل العرب ، وإن الذي قاتلهم هو أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه ،
وإخوانه من المهاجرين والأنصار - وقد شاركهم في قتالهم : علي بن أبي طالب
رضي الله عنه ، وسبى من بني حنيفة امرأة ، أنجبت له فيما بعد الإمام
العلَم " محمد بن الحنفية " - ؛ فإذا كان الصحابة الكرام : أبو بكر وعمر ،
ومن معهما من المهاجرين والأنصار : مرتدين ؛ فماذا يكون حال مسليمة
وأتباعه ، والعنسي وأتباعه ؟! إلا إن هذا هو عين النفاق والشقاق ، وقول
الباطل وشهادة الزور .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
الله
أكبر على هؤلاء المرتدين المفترين ، أتباع المرتدين ، الذين برزوا بمعاداة
الله ورسوله وكتابه ، ودينه ، ومرقوا من الإسلام ، ونبذوه وراء ظهورهم ،
وشاقوا الله ورسوله وعباده المؤمنين ، وتولوا أهل الردة والشقاق ؛ فإن هذا
الفصل وأمثاله من كلامهم : يحقق أن هؤلاء القوم المتعصبين على الصدِّيق
رضي الله عنه وحزبه ـ من أصولهم ـ من جنس المرتدين الكفار ، كالمرتدين
الذين قاتلهم الصدِّيق رضي الله عنه .
" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 490 ) .
وقال – رحمه الله - :
وفي
الجملة : فأمر مسيلمة الكذاب ، وادعاؤه النبوة ، واتباع بني حنيفة له
باليمامة ، وقتال الصدِّيق لهم على ذلك : أمر متواتر ، مشهور ، قد علمه
الخاص ، والعام ، كتواتر أمثاله ، وليس هذا من العلم الذي تفرد به الخاصة
، بل عِلْم الناس بذلك أظهر من علمهم بقتال " الجمَل " و " صفِّين " ، فقد
ذُكر عن بعض أهل الكلام أنه أنكر " الجمل " ، و " صفين " ، وهذا الإنكار
وإن كان باطلا : فلم نعلم أحداً أنكر قتال أهل " اليمامة " ، وأن مسيلمة
الكذاب ادعى النبوة ، وأنهم قاتلوه على ذلك .
لكن هؤلاء الرافضة
مِن جحدهم لهذا ، وجهلهم به : بمنزلة إنكارهم لكون أبي بكر وعمر دُفِنَا
عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنكارهم لموالاة أبي بكر ، وعمر للنبي
صلى الله عليه وسلم ، ودعواهم أنه نص على " علي " بالخلافة ، بل منهم من
ينكر أن تكون زينب ، ورقية ، وأم كلثوم من بنات النبي صلى الله عليه وسلم
! ويقولون : إنهن لخديجة من زوجها الذي كان كافراً قبل النبي صلى الله
عليه وسلم .
" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 492 ، 493 ) .
وقال – أيضاً - :
وهم
– أي : الرافضة - يدَّعون أن أبا بكر وعمر ، ومن اتبعهما ارتدوا عن
الإسلام ! وقد علم الخاص والعام : أن أبا بكر هو الذي قاتل المرتدين ،
فإذا كانوا يدَّعون أن أهل اليمامة مظلومون ، قتلوا بغير حق ، وكانوا
منكرين لقتال أولئك ، متأولين لهم : كان هذا مما يحقق أن هؤلاء الخلف تبع
لأولئك السلف ، وأن الصدِّيق وأتباعه يقاتلون المرتدين في كل زمان .
وقوله
– أي : ابن المطهر الحلي الرافضي – " إنهم سمُّوا بني حنيفة مرتدين لأنهم
لم يحملوا الزكاة إلى أبي بكر " : فهذا مِن أظهر الكذب ، وأبينِه ؛ فإنه
إنما قاتل بني حنيفة لكونهم آمنوا بمسيلمة الكذاب ، واعتقدوا نبوته ، وأما
مانعو الزكاة : فكانوا قوماً آخرين ، غير بني حنيفة ، وهؤلاء كان قد وقع
لبعض الصحابة شبهة في جواز قتالهم ، وأما بنو حنيفة فلم يتوقف أحد في وجوب
قتالهم ... .
" منهاج السنة النبوية " ( 4 / 493 ، 494 ) .
رابعاً:
يقال
لهؤلاء الروافض : لماذا ارتد الخلفاء الثلاثة دون علي ؟! وما الذي استثنى
مثل " عمار بن ياسر " و " المقداد بن الأسود " و " أبا ذر " و " سلمان
الفارسي " من الردة ؟! أم هو التحكم والهوى ؟! .
ونحن نعتقد أن
المهاجرين والأنصار في الجنة خالدين فيها أبداً ، قال تعالى : (
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/ 100 .
ونعتقد
أن أبا بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ،
وهكذا كل من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن هؤلاء جميعاً سيشربون
من حوض النبي صلى الله عليه وسلم شراباً هنيئاً ، والويل والثبور لمن
لعنهم ، وكفرهم ، فهو أولى أن يكون يوم القيامة في صف المرتدين الذين
حاربهم أولئك الأطهار .
خامساً:
هذه
الأحاديث حجة على الروافض ؛ حيث يثبتون فيها ردة الصحابة رضي الله عنهم
إلا نفراً قليلاً ، ويزعمون أنهم " أحدثوا " بعد وفاة النبي صلى الله عليه
وسلم ، ومعنى هذا أنهم كانوا على الإيمان قبل ذلك ! فأي دين اعتقدوه بعد
ذلك ؟ وماذا فعلوا ما استحقوا به التكفير ؟! فإن قالوا : سلب الخلافة من
علي رضي الله عنه : فيقال لهم هذه معصية ! تكفرها الحسنات ، ويكفي الصحابة
سبكم ولعنكم لهم حتى توضع أوزارهم عليكم إن شاء الله .
وإن قالوا : قتل جنين فاطمة ! : قلنا قد قُتل في زمن علي رضي الله عنه الآلاف ! فهل تطبقون عليه القاعدة نفسها في التكفير ؟! .
فتبين
مما سبق : أن الصحابة الأجلاء هم الذين دافعوا عن دين الله ، وهم الذين
أوقفوا مدَّ الردة ، والتي قام على إذكائها ونشرها سلف أولئك الروافض ، من
أمثال مسيلمة الكذاب ، والأسود العنسي ، وأن الله تعالى قد أثنى في كتابه
الكريم على المهاجرين والأنصار في قرآن يُتلى إلى قيام الساعة ، وقد نزههم
ربهم عن الوقوع في البدعة ، فكيف يقعون في الردة ، وهم الذين نشروا
الإسلام في الآفاق ؟! .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب